مؤمن عضو جديد
عدد الرسائل : 36 تاريخ التسجيل : 25/03/2008
| موضوع: أول ليلة في القبر 25.03.08 22:40 | |
| أول ليلة في القبر
عائض القرني{ الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } { الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ الله على كل شيء قدير }
فارقت موضع مرقدي | | يوما ففارقني السكون
| القبر أول ليلة
| | بالله قل لي ماذا يكون
|
ليلتان اثنتان يجعلها كل مسلم في مخيلته.
ليلة وهو في بيته مع أطفاله وأهله... منعما سعيدا، في عيش رغيد في صحة وعافية، يضاحك أطفاله ويضاحكونه.
والليلة التي تليها مباشرة ليلة أتاه الموت فوضع في القبر، أي ليلتين ؟
ليلة ثانية وضع في القبر لأول مرة، وذاك الشاعر العربي يقول: فارقت موضع مرقدي يوما.. ففارقني السكون.. يقول: انتقلت من مكان إلى مكان، وذهبت من موضع نومي في بيتي إلى بيت آخر فما أتاني النوم.
فبالله كيف تكون الليلة الأولى في القبر ؟
يوم يوضع الإنسان فريدا وحيدا مملقا إلا من العمل، لا زوج ولا أطفال ولا أنيس: { ثمّ ردّوا إلى الله مولاهم الحقّ.. ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين }
أول ليلة في القبر بكى منها العلماء، وشكى منها الحكماء، ورثى إليها الشعراء، وصنفت فيها المصنفات.
أول ليلة في القبر..
أتي بأحد الصالحين وهو في سكرات الموت لدغته حيه. وكان في سفر، نسي أن يودع أمه وأباه وأطفاله وإخوانه، فقال قصيدة يلفظها مع أنفاسه هي أم المراثي العربية في الشعر العربي. يقول وهو يزحف إلى القبر:
فلله دري يوم اترك طائـعا
| بني بأعلى الرقمتين وداريا
| قالوا لا تبعد وهم يدفنونني
| و أين مكان البعد إلا مكانيا
|
يقول كيف أفارق أطفالي في لحظة ؟ لماذا لا أستأذن أبوي ؟ أهكذا تختلس الحياة، اهكذا أذهب ؟ أهكذا أفقد كل ممتلكاتي ومقدراتي في لحظة ؟
ويقول عن نفسه: يقول لي أصحابي والذين يتولون دفني، لا تبعد أي لا أبعدك الله. وأين مكان البعد إلا هذا المكان ؟ وأين الوحشة إلا هذا المنقلب ؟ وأين المكان المظلم إلا هذا المكان ؟
فهل تصور متصور هذا.
{ حتى إذا جآء أحدهم الموت قال ربِ ارجعون.. لعلّي أعمل صالحا في ماتركت... كلّا إنّها كلمة هو قائلها.. ومن ورآئهم برزخ إلى يوم يبعثون }
كلا.. الآن تراجع حساب؟ ، الآن تتوب ؟، الآن تنتهي عن المعاصي ؟
يا مدبرا عن المساجد ماعرف الصلاة. يا معرضا عن القرآن، يا متهتكا في حدود الله. يا ناشئا في معاصي الله. يا مقتحما لأسوار حرمها الله.
آلآن تتوب، أين أنت قبل ذلك ؟
أول ليلة في القبر..
قال مؤرخوا الإسلام: مات الحسن ابن الحسن من أولاد علي ابن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه.. كان عنده زوجة و أطفال وكان في الشباب...
والموت لا يستأذن شابا ولا غنيا ولا فقيرا ولا أميرا ولا ملكا ولا وزيرا ولا سلطانا.. الموت يقصم الظهور ويخرج الناس من الدور وينزلهم من القصور ويسكنهم القبور بلا استئذان.. الحسن ابن الحسن مات فجأة... نقلوه إلى المقبرة.. فوجدت علية امرأته وحزنت حزنا لا يعلمه إلا الله. أخذت أطفالها وضربت خيمة حول القبر. ( وهذا ليس من عمل الإسلام ولولا أن مؤرخوا الإسلام ذكروه ما ذكرته). ضربت خيمة حول القبر وأقسمت بالله لتبكين هي و أطفالها على زوجها سنة كاملة.
هلع عظيم وحزن بائس. وبقيت تبكي فلما وفت سنة أخذت أطناب الخيمة وحملتها و أخذت أطفالها في الليل. فسمعت هاتفا يقول لصاحبه في الليل: هل وجدوا ما فقدوا ؟، هل وجدوا ما فقدوا ؟ فرد عليه هاتف أخر قال: لا، بل يئسوا فانقلبوا.
ما وجدوا ما فقدوا، ما وجدوا ضيعتهم ، ولا وديعتهم.. ما كلمهم من القبر، ما خرج إليهم ولو في ليلة واحدة، ما قبّل أطفاله، ما رأى فتاته، لا.
ولذلك هذه هي أول ليلة ولكن لها ليالي أخرى إذا أحسن العمل.
قال الله ، جل الله : { والذين آمنوا واتّبعتهم ذريتهم بإحسان.. ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء.. كلّ امرئ بما كسب رهين }
أتى أبو العتاهية يقول لسلطان من السلاطين غرته قصوره، وما تذكر أول ليلة ينزل فيها القبر. ونحن نقول لكل عظيم ولكل متكبر، متجبر أما تذكرت أو ليلة ؟ هذا السلطان بنى قصورا في بغداد ، فدخل عليه الشاعر يهنئه بالقصور يقول له: عش ما بدا لك سالما في ظل شاهقة القصور عش ما بدا لك سالما عش ألف سنه، عش مليون سنه سالما معافى مشافى. يجري عليك بما أردت مع الغدو مع البكور ما تريد من طعام، ما تريد من شراب هو عندك، ولكن اسمع ماذا يقول:
</FONT> فإذا النفوس تغرغرت
| | بزفير حشرجة الصدور
| فهناك تعلم موقنا
| | ما كنت إلا في غرور
|
فبكى السلطان حتى أغمي عليه: فهناك تعلم موقنا ما كنت إلا في غرور.
[size=16]أول ليلة في القبر..
وأنا أطالب نفسي و إياكم يا معاشر المسلمين أن نهيئ لنا نورا في القبر أول ليلة. و والله لا ينور لنا القبر إلا العمل الصالح بعد الإيمان. لنقدم لنا ما يؤنسنا في القبر يوم ننقطع عن الأهل المال والولد والأصحاب.
خرج عليه الصلاة والسلام إلى تبوك: وفي ليلة من الليالي نام هو والصحابة، وكانوا في غزوة في سبيل الله. قال ابن مسعود رضي الله عنه و أرضاه: قمت آخر الليل فنظرت إلى فراش الرسول صلى الله عليه وسلم.. فلم أجده في فراشه. فوضعت كفي على فراشه فإذا هو بارد. وذهبت إلى فراش أبي بكر فلم أجده على فراشه. فالتفت إلى فراش عمر فما وجدته،
قال... وإذا بنور في آخر المخيم وفي طرف المعسكر، فذهبت إلى ذلك النور ونظرت. فإذا قبر محفور، والرسول عليه الصلاة والسلام قد نزل في القبر. وإذا جنازة معروضة، وإذا ميت قد سجي في الأكفان. وأبو بكر وعمر حول الجنازة، والرسول صلى الله عليه وسلم.. يقول لأبي بكر وعمر: « دليا لي صاحبكما »
فلما أنزلاه، نزله صلى الله عليه وسلم.. في القبر، ثم دمعت عيناه صلى الله عليه وسلم.. ثم التفت إلى القبلة ورفع يديه وقال: « اللهم إنّي أمسيت عنه راض فأرض عنه... اللهم إنّي أمسيت عنه راض فارض عنه »
| |
|
hbn4450 نائب المدير
عدد الرسائل : 1946 العمر : 31 العنوان : الطريق اللبني ((مجره درب التبانه)) العمل : طالب الهواية : لعب الكمبيوتر + PS2 الدولة : المزاج : تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: أول ليلة في القبر 28.03.08 1:31 | |
| شكرا لك على هذا الموضوع يا صديقي العزيز | |
|
أمير العرب عضو فضي
عدد الرسائل : 275 العمر : 42 الدولة : نقاط التميز : 5 المزاج : تاريخ التسجيل : 22/02/2008
| موضوع: رد: أول ليلة في القبر 28.03.08 23:25 | |
| | |
|