إذا الليل اصمت تغاريد الطيور
وأصبح الأحياء كالأموات في أدنى القبور
تذكرت أيامي الخوالي كلها وما فيها من الالام والأحزان والهم الصبور
وعادت بي الذكرى إلى مهد الطفولة حيث ابتسامات الحياة تمر بنا كأسراب الطيور
وحين كنا لا نرى من هذه الدنيا إلا محاسنها ولا نعرف من الطيب سوى البخور
حين كانت أيامنا تبدو مزينة بأحضان الأهالي وألاعيب الطفل الغيور
حين كنا إذا ما بكينا ليلة يواسينا الأحبة بالأساور والزهور
وتمضي بنا الحياة في نسج خدعتها وتعبر بنا الأراضي والبحور
بعد أن كنا لا نعرف الموت ولا الحياة ولا اللهو المحرم ولا حتى الخمور
ولا ندري ما الفسوق ولا التدين ولا الطب ولا العظام ولا الكسور
وما هي العين وما العمى! ولا الأذن وما الصمم! ولا ندري ما تحبذ من فرائسها النسور
مضت بنا الدنيا ونحن نلهو و نلعب ولم يخالطنا بالإثم الشعور
ثم هذي الحقيقة قد بدت للناظرين كالشمس حول الأرض مذ بدأت تدور
هاهي الأحزان قد حلت تزاحم أفراح الطفولة وتبني في مجاهلها للسعادة آلاف القبور
وتبدلت كل ابتسامات الحياة وبدت أنيابها السوداء واصاب أفراحي الفتور
ودارت بنا الدنيا بين المهامه والجبال وبين ثغرات الصخور
واليوم نبقى نذكر الماضي لبسمته ونزأر لتو لحظتنا ونصرخ أو نثور
ونبقى نتمتم بالماضي البعيد ونحن على الضفة الأخرى نمل الانتظار ونخشى العبور
لتكن أيام ماضينا لوح له نغدو نروح إذا ما ودعنا الحبور
ليكن هو الأمل الضعيف الذي نحيا به ونقاوم به من دنيانا الشرور
لنحيا بالأمل العتيق وتبقى تدور بنا الحياة ونحن في هذي الحياة ندور