العصران اليوناني والروماني
يحتل العصر الهيلينى “اليوناني” مكانة خاصة في التاريخ القديم للخليج لما له من تأثير خاص على الملاحة والتجارة قديما بين المنطقة, وباقي أنحاء العالم, وقد تزامن مع حملات الغزو التي شنها الاسكندر الأكبر المقدوني عازما على تحويل بابل إلى عاصمته الشرقية , لأنها قلب العالم القديم والمركز التجاري الذي يربط الهند بسائر أنحاء المعمورة .
ويروى المؤرخون أن الاسكندر الأكبر المقدوني هو الذي اكتشف مياه الخليج العربي وشواطئه , وكان ذلك عند عودة القائد المقدوني من الهند , حيث أمر أحد قواده واسمه نيارخوس أن يسبر غور مياه الخليج حتى مصب نهري دجلة والفرات , وانطلق القائد عام 324 قبل الميلاد من مصب نهر الهندوس مخترقا الخليج العربي , إلى أن وصل إلى قرية “ ديريد دنيس “ مكان البصرة حاليا , وكان الاسكندر يرمى من اكتشافه شواطئ الخليج إلى حماية إمبراطوريته من اعتداءات الفرس , والحيلولة دون سيطرتهم على شواطئه , وبالتالي الوصول إلى شبه الجزيرة العربية , واحتلالها للسيطرة على ثرواتها من البخور والأطايب.
وقد أكد مؤرخو الاسكندر الذين أرخوا لحملاته الاستكشافية العديدة في الخليج أن للفينيقيين في هذه الحقبة “ أي القرن الرابع قبل الميلاد “ تجارة مزدهرة في الخليج كتلك التي أصبحت لهم على شواطئ المتوسط , كما وردت في مؤلفات هؤلاء المؤرخين إشارات عن السائل الأسود اللزج الذي يشعل المصابيح بنور قرمزي , وتظهر هذه العبارة كأول إشارة عن وجود البترول في هذه المنطقة.
وتوالت بعد اليونان حملات رومانية للسيطرة على الخليج وشبه الجزيرة العربية , ولكنها كانت تضيع وتتلاشى بين رمال الصحراء العربية وكثبانها الضخمة وقد حاول الإمبراطور الروماني “تراجان” أن يسير على طريق الاسكندر فأرسل قواته التي وصلت الخليج , لكنها اصطدمت مع الفرس , الذين كانوا في تلك الفترة في أوج عظمتهم , وقوتهم. وبعد ذلك بدأ الصراع العنيف والطويل بين الفرس والروم , والذي استمر قرابة ثلاثة قرون حتى ظهور الإسلام , واستطاعت قوات المسلمين أن تحسم هذا النزاع لصالحها وتقضى على أضخم إمبراطوريتين في العالم.